عجائب الفيزيقا - علم وقصص

 
أقدم إلى قرائي نوعا من أدب جديد ، هو أدب العلوم كما يسميه أهل الغرب، وهو ذلك الذي يرمي إلى نشر الثقافة العلمية عن طريق شرح العلوم في غير تعمق ولا تبذل. والحق إن أدب اللغات قد طغى على أدب العلوم بشكل ريع له العلميون، فقاموا أخيرا ينشرون بحوثهم في صيغة تستسيغها الجماهير، حيث تقرب العلوم العلمية إلى أكبر عدد منهم فتهضمها عقولهم. ومن ثم ظهر ذلك الأدب العلمي الشائق الذي نراه اليوم في كتابات سلسون وجينز وطمسن وإنفلد وبوانكاريه ( العالم الا السياسي) وإدنجتون ولودج وأندريد ومشرفة ومصطفى نظظيف وغيرهم من فطاحل العلماء وكبار الأدباء العلميين، وبلغت تواليفهم من البيان الرائع درجة تستهوي القلوب وتطرب الأسماع. وسأبسط هذه البحوث في لغة قد تكون من إنشائي، وقد تكون مقتبسة أو مترجمة عن هؤلاء الأعلام وغيرهم، أقول هذا لأن العود بالفضل لأهله أولى وأنبل ، وسأترسم خطى هؤلاء الأفذاذ في هذا السبيل مبتعدا عن صلابة العلم ما امكن، فارضا أن قرائي لا دراية لهم سابقة بالعلوم، مراعيا حاجة الطالب وغير الطالب مستعينا بالصور والرسوم. وآمل أن يشعر كل من يقرأ كتابي هذا بلذة في العلم تثير في نفسه الرغبة في الاستزادة منه في المصادر المطولة الأخرى. والله أسأل أن يسدد خطاي في سبيل نشر الثقافة العلمية ورفع مستواها بين جميع الطبقات. في البحر الأبيض المتوسط جنوبي إيطاليا تقع جزيرة صقلية ، التي اشتهرت قديما بمدنها ومعابدها وقصورها، وحدائقها الغناء الوافرة الشجر الدانية الثمر، وحقولها التي تنبت الحنظة، وبركانها العظيم ـ بركان إتنا ـ الذي تخرج منه سحب البخار والغبار والذي تتدفق منه أحيانا سيول نارية من صخر منصهر ينحدر من فوهته إلى أسفله. ولطالما رجت الزلازل هذه الجزيرة رجا شديدا، ولكن أشدها كانت تلك الزلزلة اليت خربت بلدة مسينا في مستهل سنة 1908. وسرقوسة أكبر مدن صقلية يسكنها اليوم خمسة وعشرون ألف نسمة، أقامها بناتها على جزيرة صغيرة يصلها جسر عظيم بأمها الجزيرة الكبرى صقلية ذاتها. وكان سكانها القدماء عشرة أضعاف سكانها الحاليين ، وكانت مساكنها تملأ الرحب منها منتثرة فوق المرتفعات والصخور، ممتدة على ضفتي النهر الذي يشقها حتى العراء وحتى الأرض التي ينمو فيها نبات البردى الذي كان الأقدمون يصنعون منه ورقا للكتابة. في هذه المدينة ولد أرخميدس سنة 287 قبل الميلاد ، وفيها أقام بعد أن تلقى العلم في مدينة الإسكندرية، وكان غنيا عاقلا أريبا ، جمعته بملك الجزيرة ( إيرو) صداقة وقرابة. ولو أراد لعاش في معية ذلك الملك مترفا مرفها معززا مكرما، بين لهو وقصف، وجد وهزل. ولكن الله رزقه عقلا مسا به ع هذه الملاذ الدنيوية، واتجه به صوب غرض آخر أشرف هو الغرض العلمي البحت للبحث وراء الحقيقة العلمية أنى كانت. وكان يجد في درس قوانين الطبيعة وكشف أسرارها لذة لا تعدلها لذة.
 
 
https://drive.google.com/open?id=1CtQrZAQefEgFcH0C8eceLoq3nogFFIVO

Enregistrer un commentaire

0 Commentaires